فأصحاب التخيل بالجملة هم الفلاسفة، المنتسبين للإسلام،ابن سينا والكندي والفارابي وأمثالهم، ومذهبهم: أن كل ما جَاءَ في الكتاب والسنة فهو عبارة عن تخيلات، وهذه الخطابات التي خاطب الله بها عباده تخيلات، وإنما ذكرت لمصلحة الجمهور، وهم عامة النَّاس ومصلحتهم أن يُقال لهم: هناك عذاب، ونعيم وجنة، ونار حتى تقوم حياتهم وفق قانون منضبط، فتكون حياة عَلَى العدل والاستقامة والخير؛ لكن في الحقيقة هذه الأمور ليس لها أصل من الصحة -هكذا يقولون- والعياذ بالله، وليس بعد هذا الكفر كفر، وهَؤُلاءِ ليسوا من الإسلام في شيء بإطلاق.
ومن ذلك الرسالة الأضحوية لـابن سينا مطبوعة حققها الدكتور سليمان دنيا، ذكر فيها أن البعث للأجساد ليس حقيقياً - والعياذ بالله - وإنما هو خيال، أي: هذه أشياء خيالية، أو روحانية، إِلَى آخر ما لا يجوز أن ينقل إلا عَلَى سبيل الذم - عافانا الله وإياكم- من هذه الخيالات، وهذه الأباطيل، فهذا المذهب مذهب أهل التخييل الذين يجعلون الخطابات الشرعية مجرد خيالات، فلا يثبتون لا ظواهر النصوص ولا ما دلت عليه، ولا ما نقل عن السلف في شرحها، وهذا هو الذي كَانَ عليه فلاسفة اليونان، والأوربيون من قديم، فإنهم قالوا: إن شرائعهم وأديانهم، ما هي إلا خيالات وتخيلات وإيهامات باطلة لمصلحة الناس، وإلا فلا حقيقة لما يوهمون به
.